الأطعمة الفائقةُ التصنيع... كيف تؤثر على الأمعاء؟
الأطعمة الفائقةُ التصنيع... كيف تؤثر على الأمعاء؟
جريدة الجمهورية
Friday, 28-Nov-2025 07:57

تتزايد المؤشرات العلمية التي تربط بين الأطعمة الفائقة التصنيع وتدهور صحّة الجهاز الهضمي. هذه المنتجات - من رقائق الفطور إلى الوجبات المجمّدة والمشروبات الغازية - باتت تُشكّل الجزء الأكبر من السعرات الحرارية التي يستهلكها الناس. وهي معروفة منذ سنوات بارتباطها بالسمنة والسكّري من النوع الثاني، لكنّ الأدلة الجديدة تُشير إلى تأثير أعمق على البيئة الدقيقة للأمعاء.

خلال الأعوام الأخيرة، أظهرت دراسات واسعة أنّ الإفراط في تناول الأطعمة الفائقة التصنيع يرتبط بارتفاع واضح في احتمالات الإصابة باضطرابات الجهاز الهضمي.

 

الرابط الأكثر ثباتاً هو مع داء كرون، وهو التهاب مزمن يُصيب الأمعاء ويتسبّب بآلام البطن وإسهال شديد وتعب وفقدان وزن. إحدى المراجعات العلمية في 2023 وجدت أنّ الأشخاص الذين يستهلكون أعلى نسب من الأطعمة الفائقة التصنيع ترتفع لديهم احتمالات الإصابة بداء كرون بنسبة 71% مقارنةً بمَن يستهلكون أقل كمّية منها.

 

وهناك روابط مماثلة مع القولون العصبي، وقرحات المعدة، وحتى سرطان القولون والمستقيم، إذ أظهرت دراسة على أكثر من 29 ألف ممرّضة أنّ الاستهلاك المرتفع لهذه الأطعمة يزيد احتمال الإصابة بنوع من السلائل ما قبل السرطانية بنسبة 45%.

 

صحيح أنّ أغلب هذه الأبحاث رصدية، أي تكشف ارتباطاً لا سبباً مباشراً، لكنّها تستند إلى نمط متكرّر أثار قلق الباحثين في التغذية وأمراض الجهاز الهضمي.

 

الضرر يبدأ من مكان بسيط: الحبوب الأصلية كالقمح والشوفان والذرة تفقد أثناء التصنيع كثيراً من الألياف والمركّبات النباتية المفيدة مثل البوليفينولات. هذه العناصر تُشكّل الغذاء الأساسي للبكتيريا الجيّدة داخل الأمعاء، التي تحافظ على صحة بطانة الجهاز الهضمي وتُخفّف الالتهاب.

 

ومع زوالها، تنخفض قدرة الأمعاء على حماية نفسها. وتتضاعف المشكلة لأنّ الأطعمة الفائقة التصنيع غالباً ما تكون مشبّعة بالسكّر المضاف، الذي يرتبط بارتفاع خطر سرطان القولون وأمراض الأمعاء الالتهابية، وبالصوديوم الذي يساهم في تكاثر الميكروبات الضارّة.

 

المضافات الغذائية تزيد الصورة تعقيداً. المستحلبات (الخبز التجاري والصلصات وبعض مشتقات الألبان) تُظهر في الدراسات على الحيوان معدّلات أعلى من البكتيريا الضارة وترققاً في الطبقة المخاطية التي تحمي جدار الأمعاء، ما يفتح الباب لالتهاب مزمن قد يقود إلى أمراض خطيرة.

 

حتى المُحلّيات الصناعية مثل السكارين والسوكروزول قد تغيّر توازن الميكروبات عند القوارض، وربما تضعف الحاجز المعوي، بينما سجّلت دراسة بشرية عام 2022 أعراضاً هضمية أسوأ لدى مَن يستهلكونها يومياً.

 

وعلى رغم من أنّ العلم لم يحسم الصورة كاملة بعد، إلّا أنّ التخفيف من هذه المنتجات يبدو خياراً حكيماً، خصوصاً مع ثبوت علاقتها بأمراض القلب والخرف والسمنة.

 

استبدال المشروبات الغازية بمياه فوّارة أو قهوة مثلّجة، وتحضير صلصات منزلية بدل الجاهزة، خطوات بسيطة نحو نمط غذائي أقل معالجة.

 

والتركيز على الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة - الغنية بالألياف - يساعد في استعادة توازن الأمعاء، ويعِد بآثار صحية تتجاوز الجهاز الهضمي إلى كامل الجسم.

theme::common.loader_icon